لم يعد خافيا على احد المحاولات الحثيثة لتقويض حكم المجلس العسكري، بما يثبت فشله في إدارة المرحلة الحالية، وبما يشوه ويدمر بالتالي الصورة الوطنية الجميلة للجيش المصري، وينهك الجيش نفسه داخليا، بإثارة الشائعات حول دوره في ما يجري من أحداث عنف داخلية.
وقد كشفت واقعة مقتل السيدة نرمين خليل، المستشارة بهيئة الأمم المتحدة للمرأة، إثر إطلاق النار عليها صباح الأحد الماضي في حي المهندسين بالقاهرة، بزعم دورها في التحقيقات حول كشف العذرية، كشفت عن حجم تلك المحاولات التي تستهدف الجيش المصري قبل أن يكون استهدافا مباشرا للمجلس العسكري.
وما يؤكد ذلك ما أوردته منظمة الأمم المتحدة، كرد فعل على الإشاعات والأنباء الكاذبة التي ترددت على فيس بوك وتويتر، ومواقع إخبارية والتي تزعم ان خليل هي إحدى عضوات اللجنة المسئولة عن ملف قضية كشف العذرية أمام القضاء العسكري.
لكن الحقيقة كشفها بيان منظمة الأمم المتحدة، حيث قالت خولة مطر، مديرة المكتب الإعلامي للمنظمة بالقاهرة: إن هيئة المرأة كانت تستعين بالسيدة نرمين خليل أثناء عقد الدورات التدريبية في مجال "التنمية البشرية" التي كانت متخصصة فيه، نافية ما تردد عن أن خليل كانت تعمل مع هيئة الأمم المتحدة للمرأة في قضية كشف العذرية المثارة أمام القضاء العسكري.
وأضافت مطر عن ملابسات الحادث "كل ما ورد إلينا من أخبار عن عملية اغتيالها أنها كانت في طريقها إلى العمل صباحًا، وهي تعمل في أحد المختبرات بالمهندسين، وكانت في أحد الشوارع الرئيسية المزدحمة عادة في ساعات الذروة الصباحية وتعرضت لإطلاق نار، كل ما نعرفه هو أن إطلاق النار قد يكون محاولة لسرقة سيارتها" بحسب تعبيرها.
وأضافت مطر أن الشهود قالوا: إن شخصين ترجلا من سيارتهما وأطلقا الرصاص على نرمين خليل وإن هدفهما على ما يبدو كان سرقة سيارتها إلا أنهما فرا بعد إصابتها بالرصاص.
وقالت نفيا لشائعة عملها بقضية كشف العذرية : "تردد هذا على فيس بوك وتويتر وقامت هيئة الأمم المتحدة للمرأة بتصحيح الخبر، وقالت: إن نرمين خليل لم تعمل أبدا في تلك القضية لأن هذا ليس مجال تخصصها، وأيضا لأن هيئة الأمم المتحدة للمرأة، وكل منظمات الأمم المتحدة العاملة في مصر لم تعمل أبدا على موضوع كشف العذرية، ولم تتدخل في هذه القضية أبدا".
وتفسيرا لما تردد عن احتمال أن تكون العملية مستهدفة، قالت خولة مطر: إن عددا من الحوادث الإجرامية وقع في الفترة الأخيرة في مصر مما يبدو غريبا على المجتمع المصري، لذا يلجأ الناس إلى عدم تصديقها واعتبار أن خلفها دوافع متعمدة.
محاولات إنهاك الجيش المصري
ومما يؤكد محاولات إنهاك الجيش المصري وتشويه صورته الوطنية ما كشفه الدكتور مصطفى بركات أستاذ الوثائق والمكتبات بكلية الآداب جامعة بنى سويف عن وثيقة إسرائيلية بعنوان "إستراتيجية إسرائيلية للثمانينات" نشرها المفكر الفرنسى، روجيه جارودى، فى كتابه "الأساطير" كما نشرت عام 1982 فى مجلة "كيفونيم" التى تصدرها المنظمة الإسرائيلية العالمية.
وأكد بركات أن الوثيقة ذكرت الأحداث التى تشهدها مصر الآن، وقدمت تحليلاً لرؤية إسرائيل الإستراتيجية للمنطقة العربية والإسلامية وكيفية العمل على تفتيت دولها حتى تضمن لنفسها البقاء وسط كيانات ضعيفة متصارعة.
وأشار إلى أن الوثيقة أوضحت أن العالم العربى والإسلامى تم تقسيمه إلى 19 دولة تتكون جميعها فى صورة خليط من الأقليات والطوائف المختلفة التى تعادى كل منها الأخرى وعليه فإن الدول العربية والإسلامية معرضة لخطر التفتيت العرقى والاجتماعى والدخول فى حروب أهلية.
وكشفت الوثيقة أيضا أن الملايين من سكان مصر على حافة الجوع ونصفهم يعانون من البطالة، لأن الدولة المصرية فى حالة إفلاس تام لولا المساعدات الخارجية الأمريكية التى تحصل عليها بعد اتفاقية السلام مع إسرائيل وبخلاف الجيش ليس هناك أى قطاع داخل مصر يتمتع بقدر من الانضباط.
وقالت الوثيقة: إنه سيأتى اليوم الذى تُنهك فيه قوة هذا الجيش فى الصراعات الداخلية التى تحتاج لتدخل القوات المسلحة لنزع فتيل أزمتها، مشيرة إلى أن مصر لا تشكل أى خطر عسكرى إستراتيجى على المدى البعيد نتيجة لتفككها الداخلى، ومن الممكن إعادتها إلى الوضع التى كانت عليه بعد حرب يونيه 1967بطرق عديدة.
وشددت الوثيقة على أن المصريين لن يلتزموا باتفاقية السلام مع إسرائيل وسوف يفعلون كل ما فى وسعهم لكى يعودوا لأحضان العالم العربى وسوف نضطر كإسرائيليين للعمل لإعادة سيناء إلى ما كانت عليه.
وأكدت أن أسطورة مصر القومية والزعيمة للدول العربية قد تبددت عام 56 وتأكد زوالها عام 67 وأن مصر وبطبيعتها وتركيباتها السياسية الحالية عبارة عن جثة هامدة فعلا، وذلك بعد سقوطها نتيجة للتفرقة بين المسلمين والمسيحيين، والتى سوف تزداد حدتها فى المستقبل.
وكشفت الوثيقة عن أن تفتيت مصر إلى أقاليم جغرافية منفصلة هو هدف إسرائيل السياسى لأن مصر المفككة والمقسمة إلى عناصر سيادية متعددة لن تشكل أى تهديد على إسرائيل بل ستكون ضمانًا للسلام لفترة طويلة.