وأسرى برسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم بجسده على الصحيح من قول الصحابة والعلماء من المسجد الحرام الى بيت المقدس راكبا البراق في صحبة جبريل عليه السلام فنزل ثم أم بالأنبياء ببيت المقدس فصلى ثم عرج به تلك الليلة من هناك الى السماء الدنيا ثم للتي تليها ثم الثالثة ثم الى التي تليها ثم الخامسة ثم التي تليها ثم السابعة ورأى الأنبياء في السموات على منازلهم ثم عرج به الى سدرة المنتهى ورأى عندها جبريل على الصورة التي خلقه الله عليها وفرض عليه الصلوات تلك الليلة واختلف العلماء هل رأى ربه عز وجل اولا على قولين فصح عن ابن عباس انه قال رأى ربه وجاء في رواية عنه رآه بفؤاده وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أنها أنكرت ذلك على قائله وقالت هي وابن مسعود إنما رأى جبريل وروى مسلم في صحيحه من حديث قتادة عن عبدالله بن شقيق عن أبى ذر أنه قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم هل رأيت ربك قال نور أنى أراه وفي رواية رأيت نورا فهذا الحديث كاف في هذه المسألة ولما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم من نومه أخبرهم بما أراه الله من آياته الكبرى فاشتد تكذيبهم له وأذاهم واستجراؤهم عليه وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرض نفسه على القبائل أيام الموسم ويقول من رجل يحملني الى قومه فيمنعني حتى أبلغ رسالة ربي فإن قريشا قد منعوني أن أبلغ رسالة ربي هذا وعمه أبو لهب لعنه الله وراءه يقول للناس لا تسمعوا منه فإنه كذاب فكان أحياء العرب يتحامونه لما يسمعون من قريش عنه إنه كاذب إنه ساحر إنه كاهن إنه شاعر أكاذيب يقذفونه بها من تلقاء أنفسهم فيصغي إليهم من لا تمييز له من الأحياء وأما الألباء فإنهم إذا سمعوا كلامه وتفهموه شهدوا بأن ما يقول حق وأنهم مفترون عليه فيسلمون فصل حديث سويد بن الصامت وإسلام إياس بن معاذ وكان مما صنع الله لأنصاره من الأوس والخزرج انهم كانوا يسمعون من حلفائهم من يهود المدينة ان نبيا مبعوث في هذا الزمن ويتوعدونهم به إذا حاربوهم ويقولون إنا سنقتلكم معه قتل عاد وإرم وكان الأنصار يحجون البيت وأما اليهود فلا فلما رأى الأنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو الناس الى الله تعالى ورأوا أمارات الصدق عليه قالوا والله هذا الذي توعدكم يهود به فلا يسبقنكم إليه وكان سويد بن الصامت أخو بني عمرو بن عوف بن الأوس قد قدم مكة فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يبعد ولم يجب ثم انصرف الى المدينة فقتل في بعض حروبهم وكان سويد هذا ابن خالة عبدالمطلب ثم قدم مكة ابو الحيسر أنس بن رافع في فتية من قومه من بني عبد الأشهل يطلبون الحلف فدعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم الى الإسلام فقال إياس بن معاذ منهم وكان شابا حدثا يا قوم هذا والله خير مما جئنا له فضربه أبو الحيسر وانتهره فسكت ثم لم يتم لهم الحلف فانصرفوا الى بلادهم الى المدينة فيقال إن إياس بن معاذ مات مسلما